بحـث
مايو 2024
الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت | الأحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | 4 | 5 | ||
6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 |
13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 |
20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 |
27 | 28 | 29 | 30 | 31 |
المواضيع الأخيرة
قصة عن وقت الفراق
صفحة 1 من اصل 1
قصة عن وقت الفراق
كريم بدران
(طارق) ... مهندس ناجح جداً فى شغله .. ملتزم حرفياً وبكل ما تعنيه حروف الكلمة من معنى، بتوقيتات العمل، وأعبائه ومتطلباته، لم يسمع عنه أحد كلمة واحدة تدل على الاستهتار أو اللامبالاة، كما أنه ذكى للغاية، وحريص فى كلماته وتصرفاته ، وحذر جداً فى علاقاته مع زملائه فى العمل أو فى أى مكان .. هل أنهيت كل شئ عن (طارق)؟ .. أعتقد ذلك .. ربما الشئ الوحيد الذى لم أذكره أنه يسكن وحيداً .. وغذاً يوم راحة لا عمل فيه !!
للتو دلف إلى شقته فى المنطقة الراقية من العاصمة، خلع نظارته الشمسية الأنيقة، ووضعها مع الموبايل وسلسلة المفاتيح على المنضدة الصغيرة المجاورة للباب، وخلع الجاكت وعلقه فى بطء على أحد الكراسى، وتوجه إلى الثلاجة وتناول منها علبة من العصير المشهور الماركة، وألقى بنفسه على مقعد وثير مواجها للبلكونة، بعد أن فتح بابها ليدخل الهواء المنعش أرجاء الشقة.
رشف عدة رشفات من العصير بتلذذ، وعلى مدى وقت طويل للغاية كما لو أنه يريد أن يستمتع بكل ذرة من ذرات السائل المثلج ... داعبت خصلات شعره الناعم نسمات رقيقة من الهواء الرطب، على الرغم من أن الوقت كان لا يزال نهاراً، ومع تهدل إحدى خصلات شعره، رفع يده ليعيد الشعيرات المتناثرة إلى مكانها، وهو يتأمل العمارة المقابلة له .. حقيقة لم يكن ينظر إلى العمارة وإنما كان يراقب فتاة جميلة تقف فى شرفتها وتتكلم فى المحمول ..
وعلى الرغم من أنه يسكن هنا منذ مدة، وكثيراً ما يقف فى الشرفة متأملاً الشارع والعمارات المواجهة له إلا أنه لم يرها من قبل، هو لم يحدد ملامحها تماماً بالطبع، ولكن الانطباع العام يوحى بأنها فاتنة حقاً !!
لم انشغل عقله بها؟ .. ولماذا يفكر أصلاً بهذ الطريقة؟ .. لقد استغرق كل وقت انصرافه من العمل إلى وصوله إلى البيت، فى التفكير فى كيفية قضاء غذه، فهو عادة كان يترك يوم إجازته الوحيد فى الأسبوع نظراً لانشغاله الشديد بقية أيامه فى قضاء مشاوير لقضاء حاجاته التى لا يستطيع أن يقضيها فى باقى الأيام، هذا هو اليوم الأول له منذ مدة طويلة فعلاً فارغاً تماماً ... لا يعرف ماذا يفعل؟! ..
لقد مل حياته المنتظمة المنضبطة الرتيبة، ويريد تغييراً جذرياً حتى ولو كان يوماً واحداً .. سيقابل أصدقائه وسيخرجون فى نزهة ليليـــ ... بتر أفكاره مرة واحدة ... متذكراً أنه من شدة ارتباطه بعمله لم يكن لديه أصدقاء .. هو فقط يملك زملاءاً ومعارفاً ... ولكن ليسوا أصدقاء أبداً .. صديقه الوحيد ترك المدينة والبلد منذ زمن !!
لم يدرى لم ظهرت فى رأسه بغتة فكرة غريبة ؟ ... كان زملائه فى الثانوية يسخرون منه ويستهزئون به لأنه لم يعاكس فتاة ولو لمرة واحدة فى حياته ... وكانوا يطلقون عليه ألقاباً عديدة منها "المتزمت" .. وأخرى "الدحيح" .. أما اللقب الذى كان يستثيره ويغيظه جداً هو "البنت المكسوفة" .. كان يؤلمه للغاية وكثيراً ما كان يتشاجر مع من ينادونه هكذا وعادة ما كان يضرب هو فى النهاية .. وينتهى الأمر به فى حجرة أستاذ (عبد الحميد) مدرس اللغة العربية وهو ينصحه بأن يبتعد عنهم، وأنه ليس مثلهم لأنهم رفقاء سوء وفشلة، أما هو فهو طالب مجتهد متفوق هدفه واضح ومحدد .
أخذته هذه الأفكار ولكنه كان محنقاً جداً على ضعفه واستسلامه الدائم لنصيحة أستاذ (عبد الحميد) .. حتى وجد نفسه يقول ساخراً بصوت عالى :
_ " أنت طالب مجتهد .. ليك هدف واضح ومحدد .. أيوا .. أخرتها حمار شغل .. وبيت فاضى مفهوش غيرك .. وكل "رفقاء السوء" عندهم دلوقتى بدل العيل تلاتة .. وتلاقيهم بيقبضوا أحسن منك .. ولا يهمك بس أنت ليك هدف واضح ومحدد " !!
جرع آخر قطرات العصير، وقام ليرميها فى السلة، ونظر إلى التليفون القابع فى هدوء ... وابتسم .. وتمتم قائلاً:
_ " ولم لا؟! "
كانت فكرة أنه لم يعاكس فتاة واحدة فى حياته مسيطرة عليه تماماً .. ولأنه حقيقة خجول " زى البنت المكسوفة فعلاً" لم يكن يجرؤ على أن يفكر فى مطاردة إحدى الفتيات فى الشوارع .. ربما عن طريق التليفون نعم .. هكذا اختمرت الفكرة فى رأسه .. وأوضعها محل التنفيذ .. مد يده ليلتقط السماعة و ...
ترررررررن .... تررررررن
جفل من المفاجأة، ولكنه رفع السماعة ليجد زميله على الطرف الآخر يقول :
_ " (طارق) .. معلهش .. ممكن تمسك بدالى بكرة .. علشان أنا حصلى ظرف طارئ "
ابتسم (طارق) فى حسرة .. وضحك فى داخله .. وهو يضع السماعة بعد أن أجاب بهدوء : " مفيش مشكلة" !!
(طارق) ... مهندس ناجح جداً فى شغله .. ملتزم حرفياً وبكل ما تعنيه حروف الكلمة من معنى، بتوقيتات العمل، وأعبائه ومتطلباته، لم يسمع عنه أحد كلمة واحدة تدل على الاستهتار أو اللامبالاة، كما أنه ذكى للغاية، وحريص فى كلماته وتصرفاته ، وحذر جداً فى علاقاته مع زملائه فى العمل أو فى أى مكان .. هل أنهيت كل شئ عن (طارق)؟ .. أعتقد ذلك .. ربما الشئ الوحيد الذى لم أذكره أنه يسكن وحيداً .. وغذاً يوم راحة لا عمل فيه !!
للتو دلف إلى شقته فى المنطقة الراقية من العاصمة، خلع نظارته الشمسية الأنيقة، ووضعها مع الموبايل وسلسلة المفاتيح على المنضدة الصغيرة المجاورة للباب، وخلع الجاكت وعلقه فى بطء على أحد الكراسى، وتوجه إلى الثلاجة وتناول منها علبة من العصير المشهور الماركة، وألقى بنفسه على مقعد وثير مواجها للبلكونة، بعد أن فتح بابها ليدخل الهواء المنعش أرجاء الشقة.
رشف عدة رشفات من العصير بتلذذ، وعلى مدى وقت طويل للغاية كما لو أنه يريد أن يستمتع بكل ذرة من ذرات السائل المثلج ... داعبت خصلات شعره الناعم نسمات رقيقة من الهواء الرطب، على الرغم من أن الوقت كان لا يزال نهاراً، ومع تهدل إحدى خصلات شعره، رفع يده ليعيد الشعيرات المتناثرة إلى مكانها، وهو يتأمل العمارة المقابلة له .. حقيقة لم يكن ينظر إلى العمارة وإنما كان يراقب فتاة جميلة تقف فى شرفتها وتتكلم فى المحمول ..
وعلى الرغم من أنه يسكن هنا منذ مدة، وكثيراً ما يقف فى الشرفة متأملاً الشارع والعمارات المواجهة له إلا أنه لم يرها من قبل، هو لم يحدد ملامحها تماماً بالطبع، ولكن الانطباع العام يوحى بأنها فاتنة حقاً !!
لم انشغل عقله بها؟ .. ولماذا يفكر أصلاً بهذ الطريقة؟ .. لقد استغرق كل وقت انصرافه من العمل إلى وصوله إلى البيت، فى التفكير فى كيفية قضاء غذه، فهو عادة كان يترك يوم إجازته الوحيد فى الأسبوع نظراً لانشغاله الشديد بقية أيامه فى قضاء مشاوير لقضاء حاجاته التى لا يستطيع أن يقضيها فى باقى الأيام، هذا هو اليوم الأول له منذ مدة طويلة فعلاً فارغاً تماماً ... لا يعرف ماذا يفعل؟! ..
لقد مل حياته المنتظمة المنضبطة الرتيبة، ويريد تغييراً جذرياً حتى ولو كان يوماً واحداً .. سيقابل أصدقائه وسيخرجون فى نزهة ليليـــ ... بتر أفكاره مرة واحدة ... متذكراً أنه من شدة ارتباطه بعمله لم يكن لديه أصدقاء .. هو فقط يملك زملاءاً ومعارفاً ... ولكن ليسوا أصدقاء أبداً .. صديقه الوحيد ترك المدينة والبلد منذ زمن !!
لم يدرى لم ظهرت فى رأسه بغتة فكرة غريبة ؟ ... كان زملائه فى الثانوية يسخرون منه ويستهزئون به لأنه لم يعاكس فتاة ولو لمرة واحدة فى حياته ... وكانوا يطلقون عليه ألقاباً عديدة منها "المتزمت" .. وأخرى "الدحيح" .. أما اللقب الذى كان يستثيره ويغيظه جداً هو "البنت المكسوفة" .. كان يؤلمه للغاية وكثيراً ما كان يتشاجر مع من ينادونه هكذا وعادة ما كان يضرب هو فى النهاية .. وينتهى الأمر به فى حجرة أستاذ (عبد الحميد) مدرس اللغة العربية وهو ينصحه بأن يبتعد عنهم، وأنه ليس مثلهم لأنهم رفقاء سوء وفشلة، أما هو فهو طالب مجتهد متفوق هدفه واضح ومحدد .
أخذته هذه الأفكار ولكنه كان محنقاً جداً على ضعفه واستسلامه الدائم لنصيحة أستاذ (عبد الحميد) .. حتى وجد نفسه يقول ساخراً بصوت عالى :
_ " أنت طالب مجتهد .. ليك هدف واضح ومحدد .. أيوا .. أخرتها حمار شغل .. وبيت فاضى مفهوش غيرك .. وكل "رفقاء السوء" عندهم دلوقتى بدل العيل تلاتة .. وتلاقيهم بيقبضوا أحسن منك .. ولا يهمك بس أنت ليك هدف واضح ومحدد " !!
جرع آخر قطرات العصير، وقام ليرميها فى السلة، ونظر إلى التليفون القابع فى هدوء ... وابتسم .. وتمتم قائلاً:
_ " ولم لا؟! "
كانت فكرة أنه لم يعاكس فتاة واحدة فى حياته مسيطرة عليه تماماً .. ولأنه حقيقة خجول " زى البنت المكسوفة فعلاً" لم يكن يجرؤ على أن يفكر فى مطاردة إحدى الفتيات فى الشوارع .. ربما عن طريق التليفون نعم .. هكذا اختمرت الفكرة فى رأسه .. وأوضعها محل التنفيذ .. مد يده ليلتقط السماعة و ...
ترررررررن .... تررررررن
جفل من المفاجأة، ولكنه رفع السماعة ليجد زميله على الطرف الآخر يقول :
_ " (طارق) .. معلهش .. ممكن تمسك بدالى بكرة .. علشان أنا حصلى ظرف طارئ "
ابتسم (طارق) فى حسرة .. وضحك فى داخله .. وهو يضع السماعة بعد أن أجاب بهدوء : " مفيش مشكلة" !!
mohamed yahya- عدد المساهمات : 52
نقاط : 184
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 20/02/2013
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة مارس 29, 2013 6:07 am من طرف mohammadsalah
» النصر والفتح يغرقان في أمطار وعواصف الرياض والحكم يوقف المباراة
الأحد مارس 24, 2013 8:12 pm من طرف abdulrhman mohamed
» يوسف السالم يستعد لانتزاع مكان القحطاني في السعودية
الأحد مارس 24, 2013 8:10 pm من طرف abdulrhman mohamed
» يوسف السالم يستعد لانتزاع مكان القحطاني في السعودية
الأحد مارس 24, 2013 8:09 pm من طرف abdulrhman mohamed
» "عموري" يتعافى من إصابته ويعود لتدريبات العين
الأحد مارس 24, 2013 8:07 pm من طرف abdulrhman mohamed
» مورينيو يفتح الباب أمام تشيلسي للتعاقد معه من جديد
الأحد مارس 24, 2013 8:05 pm من طرف abdulrhman mohamed
» المنتخب السعودي يصل أندونيسيا .. واستدعاء العويشر بعد تعذر سفر المعيوف
الخميس مارس 21, 2013 9:37 pm من طرف abdulrhman mohamed
» لاعب المنتخب السوداني بِشَّة ل: الروح والعزيمة سلاحنا في مواجهة محترفي غانا
الخميس مارس 21, 2013 9:35 pm من طرف abdulrhman mohamed
» جلال يقود الهلال والاتحاد .. والعريني يضبط الأهلي والرائد
الخميس مارس 21, 2013 9:34 pm من طرف abdulrhman mohamed